رسولي قدوتي
الأحد، 7 يوليو 2013
الاثنين، 1 يوليو 2013
صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخَلْقية
حبى الله نبيه صلى الله عليه وسلم بصفاتٍ عظيمة جليلة، صفاتٍ
خُلُقية ظهرت على سلوكه القويم ، وصفاتٍ خَلْقية ظهرت على بدنه الشريف وجوارحه
الطاهرة، ونحن أخي الزائر الكريم نتذاكر وإياك من خلال هذا المقال بعض تلك الصفات
الخَلْقية التي وهبها الله لرسوله المرتضى، ونبيه المجتبى، والحبيب المصطفى صلى
الله عليه وسلم.
فقد كان صلى الله عليه وسلم متوسط القامة ، لا بالطويل ولا
بالقصير، بل بين بين، كما أخبر بذلك البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ( كان
النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً-متوسط القامة-، بعيد ما بين المنكبين، له شعر
يبلغ شحمة أذنه، رأيته في حلةٍ حمراء، لم أر شيئاً قط أحسن منه ) متفق
عليه.
وكان صلى الله عليه وسلم أبيض اللون، ليِّن الكف، طيب الرائحة، دلَّ
على ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر
اللون- أبيض مستدير- ، كأنَّ عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ، ولا مَسَسْتُ ديباجة - نوع
نفيس من الحرير- ولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممتُ
مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم
.
وكانت أم سُليم رضي الله عنها تجمع عَرَقه صلى الله عليه وسلم، فقد روى
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال:َ ( دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال -أي نام نومة القيلولة- عندنا، فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت -تجمع-
العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أم سليم ما هذا الذي
تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب ) رواه مسلم
.
وكان بصاقه طيباً طاهراً، فعن عبد الجبار بن وائل قال حدثني أهلي عن أبي
قال: ( أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء، فشرب منه، ثم مجّ في الدلو، ثم
صُبّ، في البئر، أو شرب من الدلو، ثم مج في البئر، ففاح منها مثل ريح المسك ) رواه
أحمد وحسنه الأرنؤوط.
وكان وجهه صلى الله عليه وسلم جميلاً مستنيراً، وخاصة
إذا سُرَّ، فعن عبد الله بن كعب قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن غزوة تبوك
قال: ( فلما سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور، وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف
ذلك منه ) رواه البخاري .
وكان وجهه صلى الله عليه وسلم مستديراً كالقمر
والشمس ، فقد سُئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: (لا
بل مثل القمر ) رواه البخاري ، وفي مسلم ( كان مثل الشمس والقمر، وكان مستديراً )
.
وكان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، كما وصفه أحد أصحابه جابر بن سمرة رضي
الله عنه قال: ( وكان كثير شعر اللحية ) رواه مسلم .
وكان صلى الله عليه
وسلم ضخم اليدين، ذو شَعرٍ جميل، ففي الخبر عن أَنَسٍ رضي الله عنه قال : (كان
النبي صلى الله عليه وسلم ضَخْمَ الْيَدَيْنِ، لم أرَ بعده مثله، وكان شَعْرُ النبي
صلى الله عليه وسلم رَجِلاً لا جَعْدَ - أي لا التواء فيه ولا تقبض- وَلا سَبِطَ -
أي ولامسترسل- ) رواه البخاري .
ووصفه الصحابي الجليل جابر بن سمرة رضي الله
عنه فقال: ( كان رسول صلى الله عليه وسلم ضَلِيعَ - واسع - الْفَمِ، أَشْكَلَ
الْعَيْنِ - حمرة في بياض العينين - مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْن- قليل لحم العقب- )
رواه مسلم .
وكان له خاتم النبوة بين كتفيه، وهو شئ بارز في جسده صلى الله
عليه وسلم كالشامة ، فعن جابر بن سمرة قال: ( ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة
الحمامة، يشبه جسده ) رواه مسلم .
ومن صفاته صلى الله عليه وسلم أنه أُعطي
قوةً أكثر من الآخرين، من ذلك قوته في الحرب فعن علي رضي الله عنه قال: ( كنا إذا
حمي البأس، ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يكون أحد
منا أدنى إلى القوم منه ) رواه أحمد و الحاكم .
تلك هي بعض صفات رسول الله
صلى الله عليه وسلم الخَلْقية التي نُقلت إلينا ممن رآه وصاحبه، نقلاً صحيحاً
ثابتاً، إنها صفات طيبة، وصدق الصديق أبو بكر رضي الله عنه عندما قال عنه وهو
يُقبِّله بعد موته صلى الله عليه وسلم: (طبت حياً وميتاً يارسول الله)، فعليك أخي
الزائر الكريم أن تكون قوي الصلة بصاحب تلك الصفات من خلال اتباعه، والسير على
هديه، وتعميق حبه، والإكثار من الصلاة والسلام عليه، والله
أعلم.
أقوال العلماء في وقت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته وذِكر الراجح منها
ما هو تاريخ ولادة ووفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلدي الكثير من الآراء حول ذلك ، فما هو القول الصحيح والدليل في ضوء الكتاب والسنة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
اختلف أهل السيَر والتاريخ في تحديد
يوم وشهر ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أمر له سببه المعقول حيث لم يُعلم
ما سيكون لهذا المولود من شأن ، فكان حاله كحال غيره من المواليد ، ولذا لم يكن
لأحد أن يجزم على وجه اليقين بوقت ميلاده صلى الله عليه وسلم .
قال الدكتور محمد
الطيب النجار – رحمه الله - :
ولعل السر في هذا الخلاف أنه حينما ولد لم يكن أحد
يتوقع له مثل هذا الخطر ، ومن أجل ذلك لم تتسلط عليه الأضواء منذ فجر حياته ، فلما
أذِن الله أن يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته بعد أربعين سنة من ميلاده : أخذ
الناس يسترجعون الذكريات التي علقت بأذهانهم حول هذا النبي ، ويتساءلون عن كل شاردة
وواردة من تاريخه ، وساعدهم على ذلك ما كان يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه
عن الأحداث التي مرت به أو مر هو بها منذ نشأته الأولى ، وكذلك ما كان يرويه أصحابه
والمتصلون به عن هذه الأحداث .
وبدأ المسلمون – حينئذٍ - يستوعبون كل ما يسمعون
من تاريخ نبيهم صلى الله عليه وسلم لينقلوه إلى الناس على توالي العصور .
"
القول المبين في سيرة سيد المرسلين " ( ص 78 ) .
ثانياً:
من مواضع الاتفاق في ميلاده صلى الله عليه وسلم تحديد العام
، وتحديد اليوم :
1. أما العام : فقد كان عام الفيل ، قال ابن القيم – رحمه الله
- :
لا خلاف أنه ولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجوف مكّة ، وأن مولده
كان عامَ الفيل .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 1 / 76 ) .
وقال محمد
بن يوسف الصالحي – رحمه الله - :
قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى : عام الفيل .
قال ابن كثير : وهو المشهور عند الجمهور .
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي
شيخ البخاري : وهو الذي لا يشك فيه أحد من العلماء .
وبالغ خليفة بن خياط وابن
الجزار وابن دحية وابن الجوزي وابن القيم فنقلوا فيه الإجماع .
" سبل الهدى
والرشاد في سيرة خير العباد " ( 1 / 334 ، 335 ) .
وقال الدكتور أكرم ضياء
العمري – وفقه الله - :
والحق : أن الروايات المخالفة كلها معلولة الأسانيد ،
وهي تفيد أن مولده بعد الفيل بعشر سنوات ، أو ثلاث وعشرين سنة ، أو أربعين سنة ،
وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بمولده عام الفيل ، وأيدتهم الدراسة الحديثة التي
قام بها باحثون مسلمون ومستشرقون اعتبروا عام الفيل موافقاً للعام 570م ، أو 571م
.
" السيرة النبوية الصحيحة " ( 1 / 97 ) .
2. وأما اليوم : فهو يوم الاثنين
، ففيه وُلد صلى الله عليه وسلم ، وفيه بُعث ، وفيه توفي .
عن أبي قتادة
الأنصاري رضي الله عنه قال : ( سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ
الِاثْنَيْنِ ؟ قَالَ : ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ
أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ - ) .
رواه مسلم ( 1162 ) .
قال ابن كثير – رحمه الله
- :
وأبعدَ بل أخطأ من قال : ولد يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من ربيع الأول .
نقله الحافظ " ابن دحية " فيما قرأه في كتاب " إعلام الروى بأعلام الهدى " لبعض
الشيعة .
ثم شرع ابن دحية في تضعيفه وهو جدير بالتضعيف إذ هو خلاف النص .
"
السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .
ثالثاً:
أما موضع الخلاف فقد كان في تحديد الشهر واليوم منه ، وقد
وقفنا على أقوال كثيرة في ذلك ، ومنها :
1. أن ميلاده صلى الله عليه وسلم كان
لليلتين خلتا من ربيع الأول .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
فقيل : لليلتين
خلتا منه ، قاله ابن عبد البر في " الاستيعاب " ، ورواه الواقدي عن أبي معشر نجيح
بن عبد الرحمن المدنى .
" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .
2. وقيل : في ثامن
ربيع الأول .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقيل لثمان خلون منه ، حكاه
الحميدى عن ابن حزم ، ورواه مالك وعقيل ويونس بن يزيد وغيرهم عن الزهري عن محمد بن
جبير بن مطعم ، ونقل ابن عبد البر عن أصحاب التاريخ أنهم صححوه ، وقطع به الحافظ
الكبير محمد بن موسى الخوارزمي ، ورجحه الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه "
التنوير في مولد البشر النذير " .
" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .
3. وقيل
: في عاشر ربيع الأول .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقيل : لعشر خلون منه ،
نقله ابن دحية في كتابه ، ورواه ابن عساكر عن أبي جعفر الباقر ، ورواه مجالد عن
الشعبى .
" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .
4. وقيل : في ثاني عشر ربيع
الأول .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقيل : لثنتى عشرة خلت منه ، نصَّ عليه
ابن إسحاق ، ورواه ابن أبى شيبة في " مصنفه " عن عفان عن سعيد بن ميناء عن جابر
وابن عباس أنهما قالا : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين
الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، وفيه بعث ، وفيه عرج به إلى السماء ، وفيه هاجر ،
وفيه مات .
وهذا هو المشهور عند الجمهور ، والله أعلم .
" السيرة النبوية " (
1 / 199 ) .
وقيل : ولد في رمضان ، وقيل في صفر ، وقيل غير ذلك .
والذي يظهر لنا أن أقوى ما قيل في مولده صلى الله عليه وسلم يدور بين
الثامن والثاني عشر من ربيع أول ، وقد حقق بعض العلماء المسلمين من أهل الحساب
والفلك أن يوم الاثنين يوافق التاسع من ربيع الأول ! فيمكن أن يكون هذا قولاً آخر ،
وفيه قوة ، وهو يعادل العشرين من نيسان لعام 571 م ، وهو ما رجحه بعض العلماء من
كتَّاب السيرة المعاصرين ومنهم الأستاذ محمد الخضري ، وصفي الرحمن المباركفوري
.
قال أبو القاسم السهيلي – رحمه الله - :
وأهل الحساب يقولون : وافق مولده
من الشهور الشمسية " نيسان " ، فكانت لعشرين مضت منه .
" الروض الأُنُف " ( 1 /
282 ) .
وقال الأستاذ محمد الخضري – رحمه الله - :
وقد حقق المرحوم محمود
باشا الفلكي - عالم فلكي مصري ، له باع في الفلك والجغرافيا والرياضيات وكتب وأبحاث
، توفي عام 1885م - : أن ذلك كان صبيحة يوم الاثنين تاسع ربيع الأول الموافق لليوم
العشرين من أبريل / نيسان ، سنة 571 من الميلاد ، وهو يوافق السنة الأولى من حادثة
الفيل ، وكانت ولادته في دار أبي طالب بشعب بني هاشم .
" نور اليقين في سيرة سيد
المرسلين " ( ص 9 )، وينظر: " الرحيق المختوم " ( ص 41 ) .
رابعاً:
أما يوم وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : فلا خلاف في
أنها كانت يوم الاثنين ، وما نقل عن ابن قتيبة أنه يوم الأربعاء : فليس بصواب ،
ولعل مراده أنه صلى الله عليه وسلم دفن يوم الأربعاء ، فهذا صحيح .
وأما سنة
الوفاة : فلا خلاف في أنها كانت في العام الحادي عشر من الهجرة .
وأما شهر
الوفاة : فليس ثمة خلاف أنها كانت في شهر ربيع أول .
وأما تحديد يوم الوفاة من
ذلك الشهر : ففيه خلاف بين العلماء :
1. فالجمهور على أنها كانت في الثاني عشر
من شهر ربيع أول .
2. وذهب الخوازمي إلى أنها كانت في الأول من ربيع أول .
3.
وقال ابن الكلبي وأبو مخنف إنها كانت في الثاني من ربيع أول ، ومال إليه السهيلي ،
ورجحه الحافظ ابن حجر رحمه الله .
والمشهور هو ما ذهب إليه الجمهور من أن وفاة
النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الثاني عشر من ربيع أول في العام الحادي عشر
للهجرة .
وينظر : " الروض الأنف " ، للسهيلي ( 4 / 439 ، 440 ) ، " السيرة
النبوية " لابن كثير( 4 / 509 ) ، " فتح الباري " لابن حجر ( 8 / 130 ) .
معامله الرسول لأصحابه وأهله وكافه البشر
كانت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته وأولاده ولكافة الناس أكمل معاملة وأتمها، كما تشهد بذلك كتب الحديث والسيرة، ونحن نذكر نماذج من ذلك من تلك المعاملة الطاهرة، فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها.
وقال صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. والأهل هنا يشمل الزوجات والأقارب والأولاد، كما في تحفة الأحوذي في شرح الترمذي. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً. رواه أحمد والترمذي.
وكان يوصي أصحابه بزوجاتهم خيراً ويقول: إنما هن عوان عندكم -أي اسيرات-. رواه الترمذي.
وفي صحيح البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني في خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
وروى أحمد وابن حبان وصححه عن عروة قال: قلت لعائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم.
وهذا يدل على إعانته لأهله، لا كما يتوهمه بعض الناس من أن ذلك نقصاً وعيباً أن يعين الرجل أهله في أعمال البيت، وهذا التعاون يولد الألفة والمحبة بين الزوج وزوجته كما لا يخفى.
وأما معاملته لخدمه فكانت أحسن معاملة كما يحكي ذلك خادمه أنس بن مالك قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عشر سنين والله ما قال لي: أفاً قط، ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا. متفق عليه واللفظ لمسلم.
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت.
وهذا يدل على تواضعه الجم، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: وما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه. رواه مسلم.
وعند ابن ماجه وصححه ابن حبان: من تواضع لله رفعه حتى يجعله في أعلى عليين.
والأخبار في تواضعه وحسن معاملاته مع أهله والمؤمنين، بل ومع الكافرين كثيرة مشهورة يرجع لها في سيرته صلى الله عليه وسلم.
الصعوبات التي واجهها الرسول وطرق حلها
المحن والصعوبات التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت
بسبب ما واجهه به كفار قريش من وسائل وأساليب متنوعة في محاربة دعوته ، " إذ عندما
رأت قريش أن أثر دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن محدوداً كما كان الحال
مع من دعا إلى نبذ الأصنام قبل محمد صلى الله عليه وسلم ، أمثال زيد بن عمرو بن
نفيل وورقة ، قامت في وجه محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه ، وأخذت تمارس شتى
أساليب ووسائل الترغيب والترهيب لصدهم عن هذا الطريق الذي هدد مصالحهم التي يجنونها
من وجود الحرم في أرضهم ، وحط من تكبرهم على غيرهم ، ووقف أمام شهواتهم في السيطرة
واقتراف السيئات والموبقات ، ومن أبرز تلك الأساليب :
الأسلوب الأول :
كان أول أسلوب لجؤوا إليه هو محاولة التأثير على عمه أبي طالب حتى
يكفه عن الدعوة ، أو تجريده من جواره – أي حمايته -، فقد ذهبت مجموعة من أشرافهم
إلى عمه أبي طالب وقالوا له : إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا...فإما أن تكفه
عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه ، فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقاً وردهم رداً جميلاً
فانصرفوا عنه .
نقل ذلك ابن هشام (1/328) من رواية ابن إسحاق .
الأسلوب الثاني :
التهديد بمنازلة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمه أبي طالب .
التهديد بمنازلة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمه أبي طالب .
ولما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه ، يظهر دين
الله ويدعو إليه ، غضبت منه قريش وعادوه وحقدوا عليه ، فمشوا إلى عمه مرة أخرى
فقالوا له : يا أبا طالب ! إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من
ابن أخيك فلم تنهه عنا ، وأقسموا بأنهم لن يصبروا على أفعاله حتى يكفه عنهم أو
ينازلوه وإياه في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين . عند هذا عظم على أبي طالب فراق قومه
وعداوتهم ، ولم يطب نفساً بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه ،
ولذا أبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم بالذي قالوه ، وطلب منه أن يبقي عليه وعلى
نفسه ، ولا يحمله من الأمر ما لا يطيق .
" سيرة ابن إسحاق " (ص/145)
الأسلوب الثالث :
الاتهامات الباطلة لصد الناس عنه .
الاتهامات الباطلة لصد الناس عنه .
ومن تلك الاتهامات :
1- اتهموه بالجنون : وفي ذلك نزل قول الله تعالى : (وَقَالُوا يَا
أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) الحجر/6 .
2- اتهموه بالسحر ، وفي ذلك نزل قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ
جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ) ص/4
.
3- واتهموه بالكذب ، وفي ذلك يقول الله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ
آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا) الفرقان/4 .
4- واتهموه بالإتيان بالأساطير ، قال تعالى : (وَقَالُوا
أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً
وَأَصِيلًا) الفرقان/5 .
5- وقالوا إن القرآن ليس من عند الله وإنما هو من عند البشر :
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ
الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)
النحل/103 .
6- واتهموا المؤمنين بالضلالة ... (وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا
إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ) المطففين/32 .
الأسلوب الرابع :
السخرية والاستهزاء والضحك والغمز واللمز والتعالي على المؤمنين .
السخرية والاستهزاء والضحك والغمز واللمز والتعالي على المؤمنين .
يقول الله تعالى عن سخريتهم من الذين آمنوا : ( وَكَذَلِكَ
فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ) الأنعام/53.
وروى البخاري أن أبا جهل قال مستهزئاً : ( اللهم إن كان هذا هو
الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم )، فنزلت: ( وَإِذْ
قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ
عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . وَمَا
كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ
وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) الأنفال/32-33.
الأسلوب الخامس :
التشويش .
التشويش .
كان المشركون يتواصون بينهم بافتعال ضجة عالية وصياح منكر عندما
يقرأ القرآن ، حتى لا يصل إلى سمع أحد وقلبه فيؤثر فيه ، وفي ذلك قال الله عز وجل :
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ
لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) فصلت/26 .
الأسلوب السادس :
طلبهم أن تكون للرسول معجزات ومزايا ليست عند البشر العاديين .
طلبهم أن تكون للرسول معجزات ومزايا ليست عند البشر العاديين .
من ذلك قولهم : ( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ
الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ
مَعَهُ نَذِيرًا . أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ
يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا
مَسْحُورًا . انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا
يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا ) الفرقان/7-9.
وقولهم : ( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ
الْأَرْضِ يَنْبُوعًا . أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ
فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا . أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا
زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا .
أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ
نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ
سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ) الإسراء/90-93.
الأسلوب السابع :
المساومات .
المساومات .
لقد حاولت قريش من خلال هذا الأسلوب أن يلتقي الإسلام والجاهلية في
منتصف الطريق ، وذلك بأن يترك المشركون بعض ما هم عليه ، ويترك النبي صلى الله عليه
وسلم بعض ما هو عليه ، قال تعالى : ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ )
القلم/9.
وعندما قالوا له : اعبد آلهتنا يوماً ، ونعبد إلهك يوماً ، أنزل
الله تعالى سورة "الكافرون" : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا
تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا
عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ
دِينِ) وحسم هذه المساومة الهزلية .
الأسلوب الثامن :
سب القرآن ومنزله ومن جاء به .
سب القرآن ومنزله ومن جاء به .
روى البخاري ومسلم وغيرهم في قوله تعالى : ( وَلَا تَجْهَرْ
بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ) الإسراء/110، أن ابن عباس قال : نزلت ورسول
الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة ، كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فإذا
سمع المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به ، فقال الله تعالى لنبيه محمد صلى
الله عليه وسلم : ( ولا تجهر بصلاتك ) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن : (
ولا تخافت بها ) عن أصحابك فلا تسمعهم ، ( وابتغ بين ذلك سبيلاً ).
الأسلوب التاسع : الاتصال باليهود للإتيان منهم بأسئلة تعجيزية
للرسول صلى الله عليه وسلم .
أوفدت قريش نفراً منهم إلى المدينة ، على رأسهم النضر بن الحارث
وعقبة بن أبي معيط ليأتوا من اليهود بأسئلة تعجيزية فيطرحوها على الرسول صلى الله
عليه وسلم ، فقالت لهم يهود : سلوه عن أهل الكهف وعن ذي القرنين والروح ، ولكن الله
أبطل كيدهم عندما أنزل قرآنا في شأن الإجابة عن أسئلتهم .
الأسلوب العاشر :
الترغيب .
الترغيب .
أرادت قريش أن تجرب أسلوب الترغيب ، فأرسلت عتبة بن ربيعة الذي قال
للرسول صلى الله عليه وسلم : ( يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من المكان في
النسب ، وقد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم ، فاسمع مني أعرض عليك أموراً
لعلك تقبل بعضها : إن كنت تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون
أكثرنا مالاً ، وإن كنت تريد شرفاً سوَّدناك – أي جعلناك سيداً - علينا فلا نقطع
أمراً دونك ، وإن كنت تريد ملكاً ملَّكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً –
من الجن - تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ
.
فلما فرغ من قوله تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم صدر سورة "
فصلت " إلى قوله : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ
صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ) .
الأسلوب الحادي عشر :
الترهيب .
الترهيب .
كان أبو جهل إذا سمع عن رجل قد أسلم وله شرف ومنعة أنَّبه وأخزاه ،
وقال له : تركت دين أبيك وهو خير منك ! لنسفهن حلمك ولنضعفن رأيك ولنضعن شرفك . وإن
كان تاجراً قال له : لنكسدن تجارتك ، ولنهلكن مالك . وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به
.
"سيرة ابن هشام " (1/395) .
الأسلوب الثاني عشر :
الاعتداء الجسدي .
الاعتداء الجسدي .
عندما لم تثمر كل الأساليب السابقة في صد الرسول صلى الله عليه
وسلم وأصحابه عن دينهم ، لجأت قريش إلى أسلوب الاعتداء الجسدي والتصفية الجسدية
.
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَالَ أَبُو جَهْلٍ :
هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ قَالَ : فَقِيلَ : نَعَمْ
. فَقَالَ : وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ
عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ . قَالَ : فَأَتَى
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي زَعَمَ
لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ . قَالَ : فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ
يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ . قَالَ : فَقِيلَ لَهُ : مَا
لَكَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلًا
وَأَجْنِحَةً . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ
دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا . قَالَ : فَأَنْزَلَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا نَدْرِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ شَيْءٌ
بَلَغَهُ : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى . إِنَّ
إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى . أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى . عَبْدًا إِذَا صَلَّى .
أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى . أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى . أَرَأَيْتَ
إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ
يَرَى . كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ . نَاصِيَةٍ
كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ . فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ . سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ . كَلاَّ لا
تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) .
وروى البخاري بسنده إلى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي
مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ
يُصَلِّي فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا ،
فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ : ( أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا
أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ )
.
وروى البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال :
بينما النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ إِذْ قَالَ
بَعْضُهُمْ لِبَعْض : أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ فَيَضَعُهُ
عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ ، فَجَاءَ
بِهِ ، فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا
لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ ، قَالَ : فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ
عَلَى بَعْضٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لَا
يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ ،
فَرَفَع رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
.
ونال أبا بكر رضي الله عنه نصيبه من الأذى حتى فكر في الهجرة إلى
الحبشة فراراً بدينه .
وكان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة
عبد الله بن مسعود ، على الرغم من تحذير المسلمين من عدوان المشركين وخشيتهم عليه ،
فعندما فعل ذلك ضربوه على وجهه حتى أثروا فيه .
الأسلوب الثالث عشر :
ملاحقة المسلمين خارج مكة والتحريض عليهم .
ملاحقة المسلمين خارج مكة والتحريض عليهم .
فعندما هاجر بعض المسلمين إلى النجاشي أرسلوا خلفهم من حاول اللحاق
بهم قبل العبور إلى الحبشة ، وعندما استقروا بالحبشة وكثر عددهم أرسلوا في طلبهم ،
واستخدموا في ذلك الرشوة والحيلة للوقيعة بين المسلمين والنجاشي ، ولكنهم فشلوا في
ذلك .
الأسلوب الرابع عشر :
المقاطعة العامة – وذلك في شعب أبي طالب -.
المقاطعة العامة – وذلك في شعب أبي طالب -.
الأسلوب الخامس عشر :
محاولة قتل الرسول صلى الله عليه وسلم ثم شن الحرب عليه.
محاولة قتل الرسول صلى الله عليه وسلم ثم شن الحرب عليه.
إن أعداء الإسلام في كل زمان ومكان لم يكفوا ولن يكفوا عن استخدام
كافة الوسائل والأساليب لإطفاء نور الإسلام ومحاربة دعاته ، وربما تتجدد الأساليب
والوسائل ، ولكنها لا تخرج في مضمونها عن تلك الأساليب التي مارسها كفار قريش ضد
المسلمين المستضعفين بمكة" انتهى باختصار من كتاب " السيرة النبوية في ضوء المصادر
الأصلية " للدكتور مهدي رزق الله (ص/165-194).
الغزوات التي قادها الرسول
بلغ عدد
الغزوات التي قادها الرسول 28 غزوة،
وغزوات الرسول بالترتيب كالتالي
* غزوة الأبواء (ودان)
* غزوة بواط
* غزوة العشيرة
* غزوة بدر الأولى
* غزوة بدر الكبرى
* غزوة بني سليم
* غزوة بني قينقاع
* غزوة السويق
* غزوة ذي أمر
* غزوة بحران
* غزوة أحد
* غزوة حمراء الأسد
* غزوة بني النضير
* غزوة ذات الرقاع
* غزوة بدر الآخرة
* غزوة دومة الجندل
* غزوة بني المصطلق
* غزوة الخندق
* غزوة بني قريظة
* غزوة بني لحيان
* غزوة ذي قرد
* غزوة الحديبية صلح الحديبية
* غزوة خيبر
* غزوة عمرة القضاء
* فتح مكة
* غزوة حنين
* غزوة الطائف
* غزوة تبوك
ا*& المعارك اللتي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسلمين
وكانت سرية حمزة بن عبد المطلب في رمضان على رأس سبعة أشهر من مهاجرة النبي صلى
الله عليه وسلم .
قالوا : أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة لحمزة بن
عبد المطلب ، بعثه في ثلاثين راكبا شطرين خمسة عشر من المهاجرين وخمسة عشر من
الأنصار ، فكان من المهاجرين أبو عبيدة بن الجراح ، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ،
وسالم مولى أبي حذيفة ، وعامر بن ربيعة ، وعمرو بن سراقة وزيد بن حارثة ، وكناز بن
الحصين وابنه مرثد بن كناز وأنسة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجال .
ومن الأنصار : أبي بن كعب ، وعمارة بن حزم ، وعبادة بن الصامت ، وعبيد بن أوس ،
وأوس بن خولي وأبو دجانة والمنذر بن عمرو ، ورافع بن مالك ، وعبد الله بن عمرو بن
حرام وقطبة بن عامر بن حديدة في رجال لم يسموا لنا .
فبلغوا سيف البحر يعترض لعير قريش قد جاءت من الشام تريد مكة ، فيها أبو جهل في
ثلاثمائة راكب من أهل مكة . فالتقوا حتى اصطفوا للقتال فمشى بينهم مجدي بن عمرو ،
وكان حليفا للفريقين جميعا ، فلم يزل يمشي إلى هؤلاء وإلى هؤلاء حتى انصرف القوم
وانصرف حمزة راجعا إلى المدينة في أصحابه وتوجه أبو جهل في عيره وأصحابه إلى مكة ،
ولم يكن بينهم قتال .
فلما رجع حمزة إلى النبي صلى الله عليه وسلم خبره بما حجز بينهم مجدي ، وأنهم رأوا
منه نصفة لهم فقدم رهط مجدي على النبي صلى الله عليه وسلم فكساهم وصنع إليهم خيرا
، وذكر مجدي بن عمرو فقال إنه ما علمت ميمون النقيبة مبارك الأمر . أو قال رشيد
الأمر . حدثني عبد الرحمن بن عياش عن عبد الملك بن عبيد ، عن ابن المسيب وعبد
الرحمن بن سعيد بن يربوع قالا : لم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من
الأنصار مبعثا حتى غزا بنفسه إلى بدر ، وذلك أنه ظن أنهم لا ينصرونه إلا في الدار
وهو المثبت .
أعمال الرسول
اشتغاله صلى الله عليه و سلم برعي الغنم
ولما شب محمد وأصبح فتى أراد أن يعمل و يأكل من عمل يده , فاشتغل برعي الغنم لأعمامه ولغيرهم مقابل أجر يأخذه منهم , ويذهب البعض إلى أن حرفة الرعي وقيادة الأغنام علمت الرسول صلى الله عليه و سلم رعاية المسلمين و قيادة الأمة بعد بعثته وهذا ولا شك مبالغة كبيرة فان كثيرا غيره من الرعاة لم يصبحوا قوادا ولا ساسة كما أن الكثير من القواد والساسة لم يعرفوا عن حرفة الرعي شيئا , وهناك فرق كبير بين سياسة الحيوان والإنسان , لكن يمكن القول أن حرفة الرعي لما كانت تتم في الصحراء حيث الفضاء المتناهي والسماء الصافية والنجوم المتلألئة في الليل , والشمس المشرقة في الصباح وهذا النظام البديع في حركة الكون استرعى كل ذلك انتباه محمد فأخذ يتأمل ويتفكر ويتدبر في الكون العجيب
اشتغاله صلى الله عليه و سلم بالتجارة
وزاول محمد مهنة التجارة وهو في الثانية عشرة من عمرة (وقيل في التاسعة) وانتهز فرصة خروج عمه أبى طالب بتجارة إلى الشام فخرج معه وفى الطريق قابلهما راهب مسيحي رأى في محمد علامات النبوة فنصح عمه أن يعود به إلى مكة مخافة أن يعرفه الروم ويقتلوه
وعلى الرغم من ذكر المؤرخين لقصة الراهب بحيرا إلا أنة لا يمكن تصديقها بسهولة, لأن محمد صلى الله عليه و سلم نفسه لم يكن يعرف أنه نبي إلا بعد أخبره جبريل بذلك في الغار , وكل ما يعرفه رجال الدين اليهودي والمسيحي عن الرسالة المحمدية زمانها لا شخص صاحبها, وقد أفادت هذه الرحلة محمدا كثيرا, فعودته الصبر وتحمل المشاقة وفتحت عينية على أقوام ومجتمعات تختلف كثيرا عن قومه ومجتمعة , ومر في الطريق الذهاب والعودة على أطلال مدن عرف أنها ديار ثمود ومدين ووادي القرى وسمع عن أخبارهم الكثير ولم تنقطع صلة محمد بالتجارة بعد عودته من الشام بل كان يتاجر بالسواق مكة او بالأسواق القريبة منها كسوق عكاظ ومجنه وذي المجاز لكنه لم يجعل التجارة كل همه واكتفى منها بما يوفر له حياة متزنة سعيدة وكان كلما تقدم به العمر ازداد تفكيرا وتأملا وقضى الكثير من وقته يتدبر هذا الكون العجيب
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)